الرئيسيةثقافة وفنون

ايام قرطاج السينمائية تكرّم عبد العزيز بن ملوكة : آخر كبار الانتاج السينمائي في تونس

تكرم ايام قرطاج  السينمائية في دورتها  الجديدة التي  تنتظم من 13 الى 20ديسمبر 2025  المنتج التونسي الكبير عبد العزيز بن ملوكة بعرض عدد من افلامه وهي” مفتاح الصول ّ لشوقي الماجري رحمه الله و”السراب الاخير” لنضال شطا  و”النخبل الجريح ” لعبد اللطيف بن عمار  و”اخر فيلم ” للنوري بوزيد و croix x  لمديح بلعيد  وخشخاش لسلمى بكار   ودار الناس و” الوليمة”  لمحمد دمق  و”نهار الكيراتين” لسامي التليلي  و”حياة ” لميرفت مديني كمون وحرب النجوم لجورج لوكاس  …

  • من هو عبد العزيز بن ملوكة؟

 ولد عبد العزيز بن ملوكة  في مارس 1948  بزنقة الفلاح بباب الجديد معقل النادي الافريقي ولكنه اختار  ان يكون من احباء الترجي  الرياصي

زاول تعليمه الابتدائي بنهج بوخريص  ثم بنهج الكنز بسوق البلاط، ثم انتقل الى معهد ابن رشد-لم يعد موجودا الان-  ليتحق بالمعهد الصادقي منتصف الستينات من القرن الماضي  الى غاية عام 1969

وقد جايل  عبد العزيز بن ملوكة   مجموعة اصبحت لاحقا من ابرز وجوه النخبة الثقافية في تونس ومن بينهم المحامي والسيناريست الاستاذ الشاذلي بن يونس  و العميد الفاضل موسى نائب الشعب السابق ورئيس بلدية اريانة قبل حل المجالس  البلية المنتخبة   بعد 25 جويلية 2021  وهشام رستم ورؤوف بن عمر  ورجاء فرحات  والفاضل الجزيري  وعلي اللواتي وعبد الرؤوف الباسطي  وفتحي زعندة  ورضا كشريد –وزير وسفير سابق-

في نهاية الستينات  سافر سي عبد العزيز الى المانيا حيث تعلم  الالمانية  وكان يعتزم دراسة السينما بالتوازي مع العمل ليعيل نفسه، ففي تلك السنوات لم  تكن المنحة السياحية تتجاوز الخمسين دينارا

ادرك سي عبد العزيز انه لن يوفق في الجمع بين الدراسة والعمل فقرر الانتقال الى باريس  حيث عمل مدرسا للعربية  لابناء المهاجرين  دون ان ينسى حلمه بدراسة السينما التي تعلق بها منذ دخل  قاعة سينما الحمراء بباب الحزيرة  رفقة شقيقه فتحي   لمشاهدة فيلم لفريد الاطرش

كانت السينما  جزءا اصيلا من طفولة عبد العزيز بن ملوكة وسنوات شبابه الاولى، فقد كان ينشط  في الشبيبة المدرسية التي كانت تعرض فيلما كل احد بقاعة البالماريوم  وكان صديقه الاستاذ الشاذلي بن يونس مشرفا على النادي  وكانت الساتباك هي التي تتولى وضع البرمجة الشهرية لنادي السينما الموجه للتلاميذ

اضطر سي  عبد العزيز للعودة الى تونس عام 1971 ليجلب شهادة من وزارة الثقافة طلبت منه للتسجيل باحد معاهد السينما  بباريس  بعد ان تمكن من الحصول على منحة جامعية  هناك

مرت الشهور دون ان يتمكن من الحصول على هذه الشهادة” الثمينة”  من وزارة الثقافة فاختار ان يعمل موسميا بالساتباك – الشركة التونسية للانتاج والتنمية السينمائية-  بداية من ديسمبر 1971 

شاء القدر ان يتم   توظيفه مع المكلف بالاجراءات الديوانية    سي المنصف التليلي ، ولكن سي عبد العزيز لم يكن مرتاحا  لطبيعة المهمة ، وقرر  الانقطاع عن العمل ولكنه فوجئ بسي المنصف يزوره في بيت العائلة يحثه على العودة ناصحا له” تبعني وماىتندمش  انا مانيش قاعد  والمستقبل ليك” لتنطلق رحلة سي عبد العزيز في الساتباك لمدة 18 سنة  تاريخ مغادرته طوعا  عام 1990 بعد اتفاق مع وزيرالثقافة الاستاذ الحبيب بولعراس

وخلا سنوات عمبله   في الساتباك تعرف عبد العزيز بن ملوكة على كبار السينمائيين العالميين الذين عمل في افلامهم من امثال زيفرلي “فيلم يسوع الناصرة” وروسليني  وجورج لوكاس الذي صور الجزء الاول من حرب النجوم ببلادنا عام 1978  وستيفن سبيلبارغ  وحسن الامام وغيرهم

وتشاء الاقدار ان يكون عبد العزيز بن ملوكة المشرف العام على انتاج حرب النجوم  في جزئه الثالث عام 2000  بعد ان اصبح احد اعمدة الانتاج السينمائي ببلادنا ، وقد   تنازل جورج لوكاس عن ديكور الفيلم  بوثيقة  رسمية لعبد العزيز بن ملوكة  الذي اهدى بدوره  الديكور الى ولاية توزر وهو اليوم مزار سياحي وسوق تجارية موجهة للسياح  وان كان الموقع   يلفه الاهمال

وبعد  مغادرته للساتباك رفقة زملائه قبل  اغلاق المؤسسة نهائيا ،  وهي مرحلة فاوض فيه سي عبد العزيز وزارة الثقافة بصفته كاتباعاما للنقابة لضمان  حقوق زملائه  ،  انشا سي عبد العزيز  شركة انتاجه الخاصة CTV  ليكون عرايس الطين للنوري بوزيد باكوؤرة انتاجاته  ثم تتالت انتاجاته   لسلمى بكار” خشخاش والجايدة” والنوري بوزيد”اخر فيلم”  وما نموتش”  ومحمد دمق ” الوليمة، دار الناس، حي درابك….” ومختار العجيمي”باب العرش ، ديكتاشوت،  وانتج اول افلام شوقي الماجري” مفتاح الصول”  ونضال شطا” السراب  الاخير ”  والياس بكار” هي وهو”   وانيس لسود”قدحةّ”  وخالد غربال” سفرة يا محلاها”  ونادية  الفاني”بدوين هاكر”  ونادية فارس”  عسل ورماد”  وكلثوم برناز” غابة المدفونّ  ومفيدة تلاتلي ” نادية وسارة” ورضا الباهي “دائما براندو” وغيرها ….

وحازت افلام بن ملوكة على عدة جوائز داخل تونس وخارجها  من ابرزها  ” التانيت الذهبي لايام قرطاج السينمائية لكل من ” اخر فيلم”  للنوري بوزيد والعيش في الجنة لبوعلام قردجو   والوليمة  لمحمد دمق  وجائزة احسن مخرج عربي في مهرجان ابو ظبي لفيلم ما نموتش- سنوات مجد المهرجان في وجود مدير البرنامج العربي انتشال التميمي  متعه الله بالصحة

  • و جائزة أفضل فيلم من مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية ل”ما نموتش” وجائزة افضل ممثل للطفي العبدلي عن فيلم ما نموتش في مهرجان تريبكا  بنيويورك وعيرها

كما انتج عبد العزيز بن ملوكة  للمخرج المصري الكبير  سمير سيف “ابن دموعها”  عن القديس اغسطينوس

وغير بعيد عن السينما انتج عبد العزيز بن ملوكة  للتلفزة التونسية  مسلسل ايام عادية للحبيب المسلماني وسلسلة صور في دقيقة لمحمد دمق وكمال التواتي  ومثلا لرؤوف بن يغلان  وسيتكوم” الوتيل”  لصلاح الدين الصيد

وكان يفترض  ان ينتج  بن ملوكة سيتكوم شوفلي حل ولكن  ادارة التلفزة التونسية قبل عشرين عاما  رفضت المشروع وعرضت على بن ملوكة انتاج فوازير رمضان لعايدة بوبكر واخراج رياض الكعبي،  قبل ان يتدخل الوزير المستشار عبد الوهاب عبد الله  ليفرض انتاج شوفلي حل   وعهدت ادارة الانتاج لرشاد يونس (لم اسمع احدا يذكر هذه الجزئية في ابلتأريخ لشوفلي حل)

وكانت سلسلة “لافاج” اخر تعامل لعبد العزيز بن ملوكة مع التلفزة الوطنية    توقف اثره كل تعامل بسبب اشكال  قانوني  انتهى بحكم قضائي لفائدة سي عبد العزيز الذي كان حريصا على  التوصل الى حل رضائي مع التلفزة ولكنه جوبه بتعنت غير مفهوم

كما انتج بن ملوكة مسلسل الاكابر لقناة حنبعل  ومازال الى اليوم ينتظر خلاص مستحقاته المالية التي تناهز 800 الف دينار منذ قرابة عشر سنوات

وعلى الرغم من تقدمه في السن مازال عبد العزيز بن ملوكة مواظبا على الحضور بمكتبه كل صباح في التاسعة والنصف  يتابع صعود ابنه سامي الذي تخرج من اكبر معاهد السينما باوروبا INSAS حيث تحصل على الماجستير في هندسة الصوت ولكن سامي بن ملوكة اختار التوجه للانتاج ليكمل مسيرة والده بروح عصره وهو يعمل هذه الفترة على مشروع فيلم عن القائد القرطاجني حنبعل  من  تاليف عبد العزيز بلخوجة

ونجح سامي بن ملوكة في فرض نفسه منتجا  لعدد من الافلام الاجنبية في تونس والسعودية   ليكون خير خلف لاحسن سلف

لا يخفي عبد العزيز بن ملوكة سعادته بتكريمه وهو على قيد الحياة ، وهو يعتبر تكريمه  يتجاوز شخصه ليشمل  منتجين  اعطوا من حياتهم للسينما التونسية ولو على حساب  انفسهم وعائلاتهم دون ان يكون الكسب المادي اولويتهم  مستذكرا  احمد بهاء الدين عطية وحسن دلدول وعبد اللطيف بن عمار ورضا التركي  وعلولو الشريف الذي كان  ابرز رجالات كارطاغو  لطارق بن عمار

فشكرا لايام قرطاج السينمائية ومديرها طارق بن شعبان وكل من  ساهم في برمجة تكريم احد اعمدة صناعة السينما في تونس  المنتج الكبير عبد العزيز بن ملوكة

Please follow and like us:
fb-share-icon

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *